جعفر عبد الكريم الخابوري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

جعفر عبد الكريم الخابوري

جعفر عبد الكريم الخابوري
 
الرئيسيةالرئيسية  اليوميةاليومية  أحدث الصورأحدث الصور  س .و .جس .و .ج  بحـثبحـث  الأعضاءالأعضاء  المجموعاتالمجموعات  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 صحيفة نبض الشعب الاسبوعيه رئيس التحرير جعفر الخابوري

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
جعفر الخابوري
المراقب العام
المراقب العام
جعفر الخابوري


المساهمات : 199
تاريخ التسجيل : 06/07/2023

صحيفة نبض الشعب الاسبوعيه رئيس التحرير جعفر الخابوري  Empty
مُساهمةموضوع: صحيفة نبض الشعب الاسبوعيه رئيس التحرير جعفر الخابوري    صحيفة نبض الشعب الاسبوعيه رئيس التحرير جعفر الخابوري  Emptyالخميس يوليو 06, 2023 11:29 am

طعام الأكابر

أثناء زيارة "عزبة البرج" فى دمياط لفتت نظرى فوق مبنى شبه مهجور لافتة مصنع "إدفينا" لصناعة المعلبات و الأطعمة المحفوظة، كانت شكوى مرشد الرحلة تتضمن امتعاضا من أن يصبح هذا حال المصنع الذى كان ب (معلقتين خضار فى علبة) شريكا فى إنتصار أكتوبر،

و فى السويس كنا نتناول إفطارنا فى مطعم فول بدا تاريخيا تحمل جدرانه صور مجندين قدامى، قال صديقى أن هذا المطعم كان أشبه ب "ميز" الجنود أثناء حصار السويس ثم أضاف أن نصيب كل عسكرى او مواطن كان رغيفا واحدا يوم السبت و آخر يوم الثلاثاء. تذكرت المشهدين و أنا أجلس أحتضر جوعا فى إنتظار طعام الغذاء بعد أن بذلت مجهودا كبيرا فى ترتيب دولاب الملابس!

ظهرا المشهدان فى ذهنى و فى الخلفية تساؤل عن "اللقمة "التى كانت تسند ظهور المقاتلين خلال معجزة الحرب، أفكر كيف كان طعامهم فى هذة الشدة؟.

تمتلىء حكايات أبطال الحرب عن مغامراتهم مع العطش و الجوع، يحكى أحدهم انهم على شط القناة كانوا ينتظرون المد و الجزر فى منتصف الشهر لأن الماء يلقى إليهم بكميات من "الجندوفلى"، أكلوه متضررين فى البداية (بالذات الجنود غير السواحلية) ثم وقعوا فى غرامه و كانوا يخزنوه أحيانا،

و يحكى أحدهم عن اختراعات تحلية ماء البحر بالغلى و التقطير و كيف كانوا الجنود يخلعون فلنكات السكة الحديد لتوفير أخشاب تكفى للمهمة، و يحكى آخر عن قوالب "الفولية" تعيين الطوارىء نجم اللحظات الصعبة، و هناك حكايات عن الإضطرار عند اشتداد الحصار إلى إلتهام الثعابين و بعض القوارض الجبلية، و يحكى أحدهم أنه فى بعض الأوقات كانت الأوامر هى استهلاك الوجبة الواحدة على ثلاثة أيام، لكن يظل السؤال، كيف كانت الوجبة؟

كنت أفكر أن قرار العبور على هامش صيام المجندين يدعم بشكل ما التعود على أى خلل وارد فى مؤن الطعام، فلم يكن الوضع فى أفضل حال على الجبهتين الداخلية و الخارجية، كانت اسعار اللحوم قد ارتفعت لندرتها، فبدأن النساء من بنى سويف حملة مقاطعة شعبية للحوم ثم انتقلت للمحافظات الأخرى بنجاح كبير حتى هدأت الأمور، و عندما تم الإنتصار كان الدعم الذى قدمته السودان لمصر هو 30 طنا من اللحوم، قبلها كانت الصين قد أسعفتنا ب 1000 طن من القمح، كانت مصر تعانى من آثار النكسة،

أعتمدنا على أنفسنا بشكل كبير و أصبح جزء كبير من دعم مؤنة الجنود يقوم على مصنع "قها" بمنتجاته المعلبة و كذلك مصنع "أدفينا " (الفول و البلوبيف و الخضروات) و مخبوزات بسكو مصر، لكن المهمة لم تكن سهلة، فقد كان مهما توفير القمح للإستهلاك و لمخزون استراتيجى أيضا، وكان واردا أن يفسر العدو استيراد القمح باستعداد مصر للحرب، فتم اللجوء لحيلة مخابراتية بتسريب أخبار عن الصوامع التى أغرقتها مياة الأمطار و تم تحويل الأمر إلى فضيحة إعلامية تم تحت ستارها استيراد كميات من القمح،

و مع ذلك يحكى الأبطال عن هذة المخبوزات التى أسموها على الجبهة "البسكويت الخشابى" تعبيرا عن خشونة ملمسه و مذاقه، لكنهم لم يتمردوا عليها، و عند اشتداد الجوع يفتش الجنود بين الرمال عن عبوات قد تكون سقطت من أحدهم أثناء القتال، و يحكى أحدهم عن طبخة " الخضار بالبسكويت"، كان يجمع بالملعقة الدهون المتكونة فوق "وش" علبة الخضار كانه يستخدم سمنا للطبخ و يضعها فى حلة مليئة بالماء ثم يفرك بداخلها البسكويت لكى "ينفش" فى الماء ثم يلقى بداخلها حبات الفول مع الأرز مع الخضار، و يقول صاحب الوصفة "اللواء محسن علام" أن هذة الوجبة كانت مرادفا للسعادة.

-لم تكن هذة الطبخة الساخنة متاحة طول الوقت و للجميع، لكن الحصول عليها كان أشبه بمكافأة، يحكى اللواء عبد اللطيف مبروك أن الطعام الساخن كان يحتاج إلى مقطورات طهى، و لم يكن هذا متاحا بوفرة أثناء الحرب، لذلك تم تحويل المتاح من هذة المقطورات إلى سلاح لرفع الحالة المعنوية للجنود قائلا : كانت هناك محاولات مستمرة للوصول فى نهاية اليوم بأى منتج ساخن

وطازج للجنود يعوضهم عن المعلبات حتى و لو كوب من الشاى أو شوربة العدس أو بعض الخضروات، و كانت تصنع فارقا معنويا، فارق آخر كان يصنعه اقتحام و السيطرة على دشم العدو المليئة بالمفاجآت التموينية مثل الثلاجات التى تضم المعلبات التى تحتوى كل واحدة على دجاجة كاملة مع الشوربة و المكرونة، و معلبات قطع اللحم المطبوخة بالصلصة، بخلاف المربات و العصائر.

أثناء حصار السويس، و الذى يعتبر انتصارا عسكريا مدنيا لولاه ما كانت معجزة 6 أكتوبر لتكتمل، كان الطعام و الشراب معجزة حقيقية، بطلها شاب اسمه علاء الخولى كان قد أنتقل للسويس مديرا للتموين قبل فترة، و مع بداية الهجوم على السويس و الحصار وجد نفسه مسئولا عن طعام خمسة عشر ألف جنديا و مثلهم من المدنين، تحت قصف أحرق مخزن احتياطى الدقيق فى المدينة،

فقاد الناس لينقذوا 1400 جوال بعد إحتراق ضعف عددهم و احترق معهم أيضا 22طن سكر و مثلهم أرز، كان قراره بتخفيض وزن الرغيف و صرف واحد فقط يوم السبت و آخر يوم الثلاثاء لكل فرد، الطريف ان هذا العجز لم يمنع السوايسة من عمل كحك و غريبة عيد الفطر و توزيعها على الجنود لرفع معنوياتهم مع الشاى الذى تم عمله فى (حلل) كبيرة،و كانت هناك أزمة طاقة لكن المخابز دارت ب"ديزل" السيارات الحربية، و صرف الخولى أيضا لكل فرد من عهدته و على مسئوليته علبة خضار باللحم و علبة سردين و باكو شاى و نصف كيلو سكر على أن يتم استهلاكها فى 15 يوما،

وقتها عرف الجنود و السوايسة أطعمة لم تكن أساسية، أصبح الطرشى و الفول السودانى و البصل و البلح مع الخبز وجبات رئيسية، و بعد عدة أسابيع أكتشف أن هناك ما يقرب من ألف رأس ماشية ملك لأحد تجار اللحوم فى المدينة موجودة و مخبأة فى منطقة المجزر الآلى، فصدر قرار بتوزيعها على الجنود و المدنين مجانا، كيلو واحد بالعظم لكل 6 أفراد و ذاق المحاصرون اللحم لأول مرة وقتها، أما الماء فقد شح المخزون و تنازل السوايسة عن حصتهم ليتم صرفها للجنود على الضفة الشرقية و المستشفيات و المخابز، وقرر السوايسة أن يحفروا بمساعدة ذاكرة المسنين الآبار القديمة التى كانت موجودة فى المدينة.

هناك نظرية تبرر الحماقة ب "الجوع و الحرمان" و تبرر التصرفات الطائشة ب "اًصله صايم"، كيف كان أكتوبر إستثناء هذة القاعدة؟، و هناك نظرية عسكرية تقول "أن الجيوش تزحف إلى الإنتصار على بطونها" فى تشديد على أهمية مؤنة الجندى فى الحرب، لكن أكتوبر كان أيضا استثناء فقد كان الجوع مفتاح "إلتهام" العدو، و أنظر كيف زحف أبطالنا؟

لقيمات صغيرة قومها المواد الحافظة و المخبوزات الجافة و شوربة العدس الساخنة على سبيل رفع المعنويات كانت وجبة الإنتصار فى أكتوبر، هى معجزة، كان طعامهم أقرب لطعام المتصوفة الذى يقرأ الواحد عنه فى الكتب، و يقول المشايخ أن "الجوع يفتح على العبد"، كان هذا التقشف هو بوابة "الفتح،" فلا أحد ينكر أن ما قام به الجنود كان "كرامة".

المصادر في أول تعليق

منقول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://fhggvh998877h.ahlamontada.com
 
صحيفة نبض الشعب الاسبوعيه رئيس التحرير جعفر الخابوري
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صحيفة نبض الشعب الاسبوعيه رئيس التحرير جعفر الخابوري
» صحيفة نبض الشعب الاسبوعيه رئيس التحرير جعفر الخابوري
» صحيفة نبض الشعب الاسبوعيه رئيس التحرير جعفر الخابوري
» صحيفة نبض الشعب الاسبوعيه رئيس التحرير جعفر الخابوري
» صحيفة نبض الشعب الاسبوعيه رئيس التحرير جعفر الخابوري

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
جعفر عبد الكريم الخابوري :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: