القصة الحقيقية لمسلسل "السقوط في بئر سبع"
#الساقطة إنشراح علي مرسي #الحلقة_1
كتب/خطاب معوض خطاب
مسلسل "السقوط في بئر سبع" يعد واحدا من مسلسلات الجاسوسية التي عرضت على شاشة التليفزيون المصري وحظت بمتابعة الكثيرين، وعرض المسلسل لأول مرة في يوم 1 مارس سنة 1995، وقام ببطولته سعيد صالح وإسعاد يونس وأبو بكر عزت وعبد الرحمن أبو زهرة ورشوان توفيق وغيرهم من نجوم الفن، وأخرج المسلسل نور الدمرداش وكتب له السيناريو والحوار سامي غنيم عن رواية "إبراهيم وإنشراح التي كتبها عبد الرحمن فهمي، وبإذن الله تعالى سوف ننشر هنا القصة الحقيقية للمسلسل في سبع حلقات متتالية.
يزعم اليهود ويدعون أنهم هم شعب الله المختار ويؤمنون بأن جميع شعوب الأرض دونهم ولا يساووهم، فهم يظنون أنهم فوق البشر جميعا، هذه هي قناعاتهم وعقيدتهم وإيمانهم، ومنذ ظهور اليهود في العصر الحديث في الأراضي العربية، وهم لا يتوانون لحظة عن ممارسة عقيدتهم التي طرحناها، والتي يؤمنون انها نابعة من كتابهم المقدس، ولذلك فهم يحاولون وبكل السبل والوسائل والأسلحة المتاحة أمامهم،
أن يركبوا ظهور العرب ويمتصوا دماءهم ويحرقوا أخضرهم ويلوثوا طاهرهم ويهدموا عامرهم، وتعد الجاسوسية واحدة من أقذر الوسائل والأسلحة التي استخدمها ويستخدمها اليهود في إسرائيل لتنفيذ مخططاتهم حسب عقيدتهم وإيمانهم، ولذلك فقد شرعوا في تجنيد الجواسيس من مختلف الدول العربية واستخدموهم للعمل لحسابهم حتى يخترقونا من الداخل، وفي نفس الوقت كانت أجهزة المخابرات لدينا تستخدم نفس الأسلوب وتجند وتزرع الجواسيس داخل هذا الكيان المعادي.
وخلال الصراع العربي الإسرائيلي الذي استمر عبر عشرات السنين، تم استخدام العديد من الجواسيس من كلا الجانبين، ومن أشهر الجواسيس الذين استخدمهم جهاز المخابرات المصرية وزرعهم داخل الكيان الصهيوني رفعت الجمال الشهير باسم رأفت الهجان الذي ادعت إسرائيل بعد ذلك أنه كان عميلا مزدوجا، وعمرو طلبة الذي تم تجسيد شخصيته من خلال المسلسل التليفزيوني الشهير "العميل 1001"،
وأحمد الهوان الشهير باسم جمعة الشوان الذي جندته المخابرات الإسرائيلية وسارعت المخابرات المصرية بالتعامل معه وجعلته عميلا مزدوجا ضللت به المخابرات الإسرائيلية، وعن طريقه حصلت مصر على جهاز من أحدث أجهزة التجسس العالمية، واستخدم الموساد عددا من الجواسيس العرب قام بتجنيدهم لحسابه،
ولعلنا نذكر الجاسوسة هبة سليم التي تم تجسيد شخصيتها في فيلم "الصعود إلى الهاوية"، كما قام الموساد بتجنيد فلسطيني مصري الجنسية يدعى إبراهيم شاهين الذي جند زوجته المصرية إنشراح علي مرسي للعمل معه، والغريب أن الزوجة التي سقطت في مستنقع الجاسوسية قد جندت أولادها الثلاثة للعمل كجواسيس معها هي وزوجها الفلسطيني الأصل.
وتبدأ قصة إنشراح علي مرسي ورحلة سقوطها في مستنقع الجاسوسية سنة 1951، وذلك بعدما حصلت على شهادة الاعدادية، وأراد والدها أن يكافأها على نجاحها فاصطحبها معه لحضور حفل زفاف أحد أقاربه في القاهرة، وكانت هذه المرة هي الأولى التي تغادر فيها قريتها بالمنيا في صعيد مصر، وفي حفل الزفاف نجحت هذه الصبية والتي لم تكمل عامها الخامس عشر _رغم بساطتها ورقة حال أسرتها_ في لفت انتباه جميع الحاضرين، بسبب جمالها الملحوظ وجسدها الذي بدت عليه معالم الأنوثة الطاغية رغم صغر سنها،
حيث بدت لمن يراها أكبر من سنها كثيرا، ويومها التقت فتاها الذي حرك فيها مشاعر الأنثى الكامنة، إنه إبراهيم سعيد شاهين الفلسطيني الأصل المصري الجنسية والمقيم بمدينة العريش، والذي لم يغادر الحفل يومها إلا وقد عرف عنها كل شيء، وبعد مرور أيام معدودة اصطحب إبراهيم أهله معه، وسافر إلى بلدة إنشراح لخطبتها والزواج منها، وهو ما تم بالفعل رغم اعتراض والدتها على الزواج في البداية بحجة بعد المسافة بين المنيا والعريش.
وهكذا تزوجت إنشراح الصبية الصغيرة التي لم تكمل الخامسة عشرة من عمرها، وتركت بلدتها الصغيرة وانتقلت للإقامة مع زوجها إبراهيم الذي كان يعمل كاتبا للحسابات بمكتب مديرية العمل في العريش، وبسبب بعد المسافة بين المنيا والعريش فقد كادت صلتها بأهلها تنقطع، وأصبح زوجها في نظرها هو كل ما لها في الدنيا، ولأنه كان أول رجل تفتحت عليه عيناها فقد بثته كل عواطفها، ونذرت نفسها لإسعاده وخدمته والسعي لراحته،
ولأن الزوجين كانا قد اكتفيا من التعليم بالحصول على الشهادة الإعدادية فقط، فقد تعاهدا إن رزقهما الله بأبناء أن يعملا جاهدين ليواصل أبناؤهما تعليمهم حتى يحصلوا على أعلى الشهادات التعليمية، وأصبح هذا الهدف هو هدفهما الوحيد في الحياة يسعيان ويعملان على تحقيقه مهما كانت الظروف والمعوقات التي تواجههما.
وتمر الأيام والشهور والسنوات بالزوجين السعيدين إبراهيم وإنشراح وتزداد فرحتهما بقدوم ولدهما الأول نبيل في سنة 1955، ثم قدوم ولدهما الثاني محمد في سنة 1956، وقدوم ولدهما الثالث عادل في سنة 1958، وتعاهد الزوجان على أن يرسلا أبناءهما للدراسة في القاهرة حيث الحال هناك أفضل من العريش من كل الجوانب، وبالفعل في سنة 1963 أرسلا أولادهما إلى عمهم المقيم بالقاهرة، ليدرسوا هناك بعيدا عن مظاهر البداوة وظروف الحياة الأقل حظا في العريش،
وسعى إبراهيم بكل الطرق لتوفير الأموال التي تحتاجها أسرته، حيث كان ملزما بالإنفاق على تعليم أولاده بالقاهرة، لكي لا يكونوا عبئا على عمهم الذي يقيمون عنده، كما أنه كان قد عود زوجته على مستوى عال من المعيشة، ولا يريد أن يشعرها بأي تقصير، ولذلك فقد سلك طرقا غير مشروعة، وأصبح يتلقى الرشاوى من المواطنين ليخلص لهم أعمالهم، وهكذا أصبح المال متوفرا لديه بكثرة، وعاش في سعادة مع زوجته إنشراح، وهو يرى أحلامهما وهي توشك أن تتحقق.
ولكن حدث في أكتوبر سنة 1966 أن تم ضبط إبراهيم وهو يتلقى رشوة، وبعد محاكمة سريعة تم الحكم عليه بالسجن وقضاء 3 شهور خلف القضبان، وقد عانت زوجته إنشراح كثيرا خلال هذه الشهور الثلاثة ماديا ومعنويا، وبعد انقضاء الشهور الثلاثة خرج إبراهيم ليعاني مما أوصل نفسه إليه، وأصبح يرى أحلامه وآماله نحو الارتقاء والثراء تكاد تتحطم أمام عينيه وهو عاجز عن التصرف، وما زاد الطين بلة والمرارة علقما هو ما حدث في يوم 5 يونيو سنة 1967،
حيث اجتاحت القوات الاسرائيلية سيناء واحتلتها، وهو ما أدى إلى غلق جميع الأبواب أمام الزوج إبراهيم، حيث أصبح عاطلا عن العمل بعد الاحتلال الإسرائيلي لسيناء بسبب توقف العمل بمكتب مديرية العمل بالعريش، وأصبح غير قادر على كسب مال يتعيش منه هو وزوجته، أو يرسل منه لتعليم أولاده بالقاهرة، كما أن طريق العريش القاهرة قد أغلق، وأصبحت العريش كلها تحت الحكم العسكري الإسرائيلي، مما كان سببا في عدم مقدرته على السفر للاطمئنان على أولاده بالقاهرة.
وهكذا كان وقع الاحتلال الإسرائيلي لسيناء كالصاعقة على رؤوس أهلها جميعا، فقد اختنقت نفوسهم وضاقت عليهم أرضهم المحتلة رغم اتساعها، كما ضيق عليهم الاحتلال الخناق من كل جانب في المعيشة والتنقل، وأصبح على من يرغب في السفر أن يستخرج تصريحا من الحاكم العسكري الإسرائيلي، وهو ما كان أشبه بالمستحيل ويحتاج إلى معجزة لتحقيقه،
وسعيا وراء تحقيق المعجزة وتحطيم المستحيل فقد حدث في أحد الأيام أن توجه إبراهيم إلى مكتب الحاكم العسكري الإسرائيلي لسيناء ليطلب منه تصريحا له ولزوجته الملتاعة والملهوفة على أولادها بالسفر إلى القاهرة للاطمئنان عليهم، ولكن هل يتحقق له ذلك؟ وهل يستجيب الحاكم العسكري الإسرائيلي لطلبه؟ هذا ما سوف نعرفه غدا في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى، فانتظرونا.
ملحوظة:
عدد كبير من المصادر يذكر أن هذه الجاسوسة اسمها إنشراح علي موسى، ولكن الفيديو الشهير لها مع الفنان سمير صبري في برنامج "النادي الدولي" يوضح أن ما تذكره هذه المصادر خطأ، حيث خاطبها الفنان سمير صبري مرتين باسم إنشراح علي مرسي، كما أن ابنها عادل شاهين أو رافي بن ديفيد قد ظهر في عدد كبير من الفيديوهات على قناته على اليوتيوب يذكر فيها أنه ابن الجاسوسة المصرية إنشراح علي مرسي.
المصادر في أول تعليق
#إعادة_نشر
نشر للمرة الأولى في شهر سبتمبر سنة 2019.